اللهم صلي على محمد وال محمد
يا ابن آدم، أتدري ماذا يقول ملك الموت وأنت نائم؟!..
على خشبة الغسل ينادي عليك، ويقول :
يا ابن آدم، أين سمعك ما أصمّك؟!..
أين بصرك ما أعماك؟!..
أين لسانك ما أخرسك؟!..
أين ريحك الطيّب ما غيّرك؟!..
أين مالك ما أفقرك؟!..
فإذا وُضِعْتَ في القبر، نادى عليك الملك :
يا ابن آدم، جمعت الدنيا أمْ الدنيا جمعتك؟!..
يا ابن آدم، تركت الدنيا أمْ الدنيا تركتك؟!..
يا ابن آدم، استعددت للموت أمْ المنيّة عاجلتك؟!..
يا ابن آدم، خرجت من التراب وعدتَ إلى التراب.. خرجت من التراب بلا ذنب، وعدتَ إلى التراب وكلّك ذنوب. فإذا ما انفض الناس عنك، وأقبل الليل لتقضي أول ليلة صبحها يوم القيامة، ليلة لا يؤذن فيها الفجر، لم يقل المؤذن يومها : حي علي الصلاة.. انتهت الصلاة.. انتهت العبادات.. إنّ الذي سيؤذن فجرها هو إسرافيل.
أيتها العظام النخرة، أيتها اللحوم المتناثرة!.. قومي لفصل القضاء بين يديّ الله رب العالمين. إن الله يقول : {ونُفِخَ في الصور فجمعناهم جمعاً}.. ويقول أيضاً : {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً}.
عندما يُقبِلْ عليك ليل أول يوم في قبرك، ينادي عليك مالك الملك، وملك الملوك يقول لك :
يا ابن آدم، رجعوا وتركوك في التراب، دفنوك ولو ظلّوا معك ما نفعوك.. و لمْ يبقَ لك إلا أنا الحيّ الذي لا أموت!..
يا ابن آدم، من تواضع لله رفعه، ومن تكبّر وضعه الله!..
عبدي، أطعتنا فقرّبناك، وعصيتنا فأمهلناك!.. ولو عُدْتَ إلينا بعد ذلك، قبلناك.
إنّي والإنس والجنّ في نبأ عظيم، أخلُقُ ويُعْبَدُ غيري!.. أرزق ويُشكر سواي!.. خيري إلى العباد نازل، وشرّهم إليّ صاعد!.. أتحببّ إليهم بنعمي، وأنا الغنيّ عنهم.. ويتباغضون عنّي بالمعاصي، وهم أفقر شيء إليّ.
من عاد منهم ناديته من قريب، ومن بعُدَ منهم ناديته من بعيد :
أهل الذكر، أهل عبادتي.. أهل شكري، أهل زيادتي.. أهل طاعتي، أهل محبتي.. أهل معصيتي، لا أقنّطهم من رحمتي ؛ فإن تابوا فأنا حبيبهم، فإنّي أحبّ التوابّين، وأحب المتطهرين.. وإن لم يتوبوا، فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من الذنوب والمعاصي.. الحسنة عندي بعشر أمثالها، وأزيد : والسيئة بمثلها، وأعفو.. أنا أرأف بعبادي من الأم بولدها.
اللهم صلي على محمد وال محمد