الوهم الكبير
--------------------------------------------------------------------------------
الحب من النعم العظيمة التي أنعم الله عز وجل بها على عباده تلك العاطفة النابعة من غريزة أوجدها الله عز وجل في بني آدم لحكمة بالغة فسبحان الله ذي القدرة الباهرة والقوة القاهرة , وحديثي عن هذا الموضوع المتشعب سيكون من زاوية واحدة وعن نوع واحد من أنواع الحب ألا وهي حب الذكر للأنثى وميله لها والعكس صحيح فهذا النوع من العاطفة قد تعرض إلى تشويه ومسخ إن صح التعبير بسبب القنوات الفضائية والمسلسلات الغرامية الكاذبة التي لا تعلم إلا الزيف و الكذب ولا تعد إلا غرورا.
الحب والغرام الأكذوبة الكبرى التي لا يمكن أن تكون حقيقة على نمط المسلسلات المصرية أو الهندية وإن شئت فقل المكسيكية وكل حب بين عشقين خرج عن نطاق الحياة الزوجية فهو أكذوبة كبرى والمحب الذي لايطرق الحب من بابه الصحيح أعني باب الزواج يعيش وهما كبيرا وكذبة وخديعة كبرى يسمونها العشق والغرام,الحب ليس كلمات وآهات وأشجان وعذابات , الحب الصادق هو الذي يقرنه صاحبه بالمواقف ومن قال لفتاة إني أحبك فليقرن قوله بالفعل إن كان صادقا وليتقدم بكل شجاعة لبيت والدها وليقم بالطلب من والدها أو وليها بكل شجاعة ورجولة الزواج من موليته وكل من يعيشون وهم العشق والعلاقات العاطفية من شبابنا لايمكن لهم الإقدام على الزواج من خلال هذا الطريق لأنهم يعلمون جيدا أنه طريق لايشرف المرء بلانتساب إليه. إن الله عزوجل قد أوجد هذه الفطرة في جميع البشر فالأنثى تميل للرجل والعكس صحيح لكنه أمرنا بترشيد هذه الفطرة من خلال الحث على الزواج وإن لم يتيسر ذلك لنا فإن الإرشاد النبوي قد تواصل بحثنا على الصيام وعلى غض البصر وصيانة العواطف والأحاسيس والفروج من الفواحش "ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" فهل فعل كثير من الشباب ذلك ذكورا وإناثا وهل قامت دور التربية بإرشادهم إلى.. وهل قامت وسائل الإعلام المرئي والمقروء والمسموع بإرشادهم إلى ذلك؟؟؟؟؟. لقد فتكت قنوات الأطباق الفضائية بقلوب وعقول شبابنا ونقلت لهم خديعة الحب الموهوم والغرام المشؤوم , من خلال أفلام ومسلسلات لاتخاطب إلا العواطف الكامنة ولاتثير إلا الغرائز الساكنة وصورت حياة اللهو والعبث والمجون والانحلال الغربي على أنه النموذج الذي لابد من الاحتذاء فكانت الكارثة التي نرى تجلياتها من خلال صور العلاقات الآثمة بين كثير من الشباب وانطمست معالم الحب التي تظلل بيوت الزوجية، فالشاب يسعى لإرضاء غرائزه ولا داعي لمسؤوليات الزواج ومتاعبة فالحب والدفء بالنسبة له ولها لا تتجاوز لحظات شهوانية مقيتة مميتة. الحب فوق مستوى الكلمات وفوق مستوى الدبلجة التي صنعتها دهاليز القنوات , الحب الحقيقي فطري بلا محسنات أو أصباغ وهو فوق مستوى الأنانيات وفوق مستوى الأهداف الدونية , وإن الحب شجرة باسقة تزين ظلال الأسرة وتتغذى بماء التضحية لينهمر ثمرها على المجتمع بأسره , هذا هو الحب وهذا هو بحر الحب الذي لاينضب وأما ما يمارسه الكثير من الشباب ,الحب الذي يمارسه الكثير من المراهقين مراهقة مبكرة أو متأخرة ماهو إلا عبث صبياني. إنه الحب بوح خاطر , ودفق مشاعر , وليس حكايات ونوادر , ولا تجليات حبر على ورق ودفاتر , عنوانه الصدق , ووقوده التضحية , وسر ديمومته وبقائه الإخلاص , يروى بماء النزاهة , ويسمو فوق كل دونية ووجاهة , أوجده الله وهو نعمة لاينبغي أن نحولها إلى نقمة , وإن مايمارس من صور الحب التعيس الشقي الذي أشقى أكثر مما أسعد إنما هو بسبب الانحراف في صرف هذه العاطفة , إن الكثير من الشباب والفتيات لايرون الحب إلا من الزاوية التي صورته لهم القنوات والمسلسلات , حب ماكر , بارد وفاتر , حب كرتوني أشبه بمسلسل عاطفي ينتهي بموت البطل أو اختفائه أو انتحاره أو وقوف الأم في وجه روميو لكي لايقترن بجولييت والضحية في النهاية هي تلك الفتاة المكدودة الخاطر المكسورة الجناح التي يمارس في حقها جريمة من أبشع الجرائم ألا وهي جريمة ذبح المشاعر بسكين الزيف والتي لايحاسب عليها القانون للأسف. إنها التجربة الغربية والتصور الغربي لمعنى الحب وللعلاقة بين الأنثى والذكر تلك التجربة الفاشلة التي يريد تصديرها لنا كما هي عادته مع تجاربه الفاشلة التي لاتصدر إلا لعالمنا المغلوب على أمره والذي تحجب عنه جميع التجارب العلمية الناجحة. لقد أوصل الغربيون شبابهم وشاباتهم إلى حالة تعيسة بائسة من تشتت العواطف وتفكك الأسرة والقلق والاضطراب وإلى حالات مزرية من الاغتصاب والشذوذ بسبب كابوس ووهم كبير يسمونه الحب الذي فتح لهم باب الجحيم على مصراعيه , وبعدما رأوا لهيب النار يشتد ضراما تحت أقدامهم انتقلوا للعالم العربي والإسلامي مصدرين إليه ثورة الحب الهوليودي عبر مواخير بيع القيم والذمم من منحطي ومنحطات سينما هوليود فتلقفها فئام من أبنائنا وبناتنا في ظل الغفلة من الكثيرين وعلى جميع المستويات لتنتج لنا في سنوات ظواهر مقززة ومخيفة تغذيها قنوات عربية باعت دينها وأمانتها وأخلاقها وثقافة أمتها وكرست ثقافة الآخر وراحت ترسم للشر صورا زاهية وألوانا باهية أتعست وضلت وأضلت كثيرا وضلت عن سواء السبيل. لقد تمنى كثير من مشاهير الغرب أن يعيشوا لحظة السعادة الحقيقية بعد أن عبوا في الحياة وداروا مع أمواجها حيث دارت بحثا عن السعادة الموهومة ومملكة الحب المزعومة ولكنهم وبعد أن أفنوا سني عمرهم خلف الأكذوبة صحوا على داء وبيل يتلجلج داخل صدورهم لايرون له شفاء فوق سبيل الانتحار فتردوا في النهايات المخزية بعد تلك البدايات المزرية وكتبوا رسائل المرارة والحسرة والندم لمن ورائهم مخبرين بالزيف الذي عاشوا فيه ولم يجدوا منه مخلصا سوى كتم الأنفاس. إن المجتمع يجب عليه أن يعي خطورة المرحلة التي يمر بها الشباب ذكورا وإناثا , إن المجتمع بكافة شرائحه وطبقاته منوط به مسؤولية عظيمة توجب عليه أن يفتح باب الحلال على مصراعيه من خلال التنازل عن شيء من قواعده وقيوده المالية الصعبة التي تنهك الشباب وتصل بهم إلى طريق العزوف عن الزواج وعلى الأكاديميين وقبلهم العلماء العاملين والدعاة الصادقين والتجار الأتقياء النابهين أن يتداعوا لإيجاد حل قبل أن ينطلق السيل العرم بطوفانه الهادر الذي يكاد يفتك بفلذات الأكباد.