" فييرا ومؤتمر التخدير "

قرار إقالة البرازيلي جورفان فييرا من منصبه لم يكن مفاجئاً او مستبعداً حتى ولو حصل المدرب المذكور على نتائج أفضل مما خرج فيها مع اسود الرافدين الذين تاهوا في ملعب قابوس بمسقط.. فالاتحاد قالها صراحة قبل وأثناء وبعد خليجي 19 إن المدرب لم يكن من خياراته.
وأسترجع الشريط قليلا إلى الوراء وأتذكر ما قاله محمد جواد الصائغ (المعروف بصراحته من دون بقية أعضاء الاتحاد) حين حل ضيفاً عزيزاً على مجلس قناة (الكأس) القطرية وقال في وقتها: إن المدرب مفروض على الاتحاد بأمر حكومي ومطلب شعبي وأتذكر هذا الموعد كان قبل مباراة عُمان أي ما بعد انتكاسة البحرين.. ومن ثم جاء تصريح رئيس البعثة ونائب رئيس الاتحاد ناجح حمود بتأكيده على الامر ذاته،

وأضاف: ان فييرا لا يسمع من أحد لأنه معيّن من الحكومة العراقية وما يحدث للمنتخب يتحمله وحده دون سواه.. التصريح نُشر قبل مباراة عُمان بساعات قليلة .. وما بعد الهزيمة المذلة على يد أصحاب الضيافة والكرم (عُمان) فالتصريحات حدّث بلا حرج على المدرب من دون سواه!
أنا هنا لست بمدافع عن فييرا، بل كنت منتقداً له في الكثير من الأمور الفنية والإدارية وحتى الشخصية .. ففي دبي أحسست ان فييرا ليس هو فييرا قبل عامين.. وكان يتحدث عن أنه مدرب محترف ويعمل بعقلية احترافية والجو المحيط به لا يساعده على التواصل بما يخطط ويريد وما توفر من إمكانات لم تلبِ ما أتفق عليه في بغداد وعمان؟! من حقه ان يتحدث بهذا الكلام، لانه مدرب أجنبي والكثير منا يقدس (الأجنبية) على حساب (الوطنية).
لكن الحق يُقال وهذه أمانة: فييرا تحدث لنا في مقابلة تلفزيونية ان كأس الخليج لا يعد بها أحداً وانه يخطط إلى ما بعدها أي كأس القارات في حزيران المقبل.. قلت له العراق بأكمله لن يقبل إلا بالكأس لتعويض ما حصل في تصفيات كاس العالم، لان العراقيين مازالوا يتذوقون مرارة الخروج المؤلم ووجدوا فيك المنقذ.
رد بعصبية: يريدون الكأس..انا لست بساحر وضع الفريق صعب للغاية.. المحترفون لا اعرف مستوياتهم والبعض منهم مصاب والآخر غير جاهز فنياً أما الشباب فلا مجال للمجازفة!!
أتذكر اني تكلمت مع رئيس الاتحاد حسين سعيد بما ذكره لي فييرا رد بهدوء وقال: إن المدرب يحاول تخفيف الضغط عن اللاعبين ونحن تكلمنا معه بخصوص هذا التصريح ولا داعٍ للقلق إطلاقاً!
فييرا كان يعلم أن علاقته مع الاتحاد ليست على ما يرام وكان يعتقد، بل هو متأكد بأن الحكومة فرضته كمدرب للمنتخب فاستخدم (الفيتو) الحكومي وكان كثير الكلام في قضايا متعددة حتى انه بدا يرفض الكثير من ملاحظات المساعدين لكنه مع الأسف لم يضع حداً لتصرفات بعض اللاعبين الكبار.. وكان يحاول ان ينأى بنفسه عن إثارة المشاكل معهم مستخدماً الدبلوماسية في مناقشة ادق التفاصيل التي تخصهم.
أبو ياسين بعد الذي حصل في مسقط شعر بأن نهايته مع بلد أسمه العراق والذي تبادل معه الحب والعشق لفترة من الوقت باتت وشيكة والوداع يحتاج قليلا من الوقت ليس إلا.. كان يعلم ان الاتحاد وجد الوقت واللحظة المناسبة لوضع اللائمة على عاتقه وتبرير ساحته بعد ضغط جماهير كبير.. حتى انه حصل على معلومة مفادها ان العراق في آخر بطولتين خليجيتين تعرض لانتكاسة اقل مما حدث اليوم في مسقط فان المدرب هو الوحيد الذي دفع الثمن أما بإقالته أو إجباره على الاستقالة.
استغربت كثيرا لتضارب التصريحات بشأن إقالة فييرا من عدمها.. احمد عباس صرح قبل استقالته ان الإتحاد قرر بالإجماع إعفاء فييرا من منصبه وننتظر موافقة وزارة الشباب والرياضة على القرار.. ظهر لنا ناجح حمود على برنامج (صدى الملاعب) ونفى ما قيل جملة وتفصيلاً واصفاً الخبر بغير الصحيح والإقالة لم تتم بعد.. وبعد أسبوع ظهر في البرنامج نفسه ليؤكد ما نفاه قبل سبعة أيام، لكنه عاد لينفي نافياً قاطعاً معاقبة أي لاعب وتراجعوا كاتحاد كرة عراقي عن تصريحاتهم بإبعاد بعض اللاعبين المحترفين المشاغبين والمسيئين على حد وصفهم.. السؤال بعد الذي كل ما دار وجرى في العلن والكواليس في اجتماعات الاتحاد والوزارة.. لماذا فقط فييرا حُمّل المسؤولية لوحده.. ألم يكن هناك إخفاق إداري كالذي تسبب باستقالة أحمد عباس من منصبه وان رفض تسميتها ناجح حمود حين يبررها لأسباب عائلية وصحية.. ولماذا لا يتحمل الاتحاد جزءاً من الإخفاق هل أنه معصوم أو ماذا؟!
وهل نسي نائب رئيس الاتحاد ما قاله إن هناك بعض اللاعبين من دون المستوى المطلوب وعلينا محاسبتهم.. هل الخوف من ردة فعل اللاعبين الذين تهيأ أكثرهم لشن حرب إعلامية على الإتحاد اذا ما تعرضوا لعقوبات إدارية او التسبب بإبعادهم عن كأس القارات؟!
كم كنت أتمنى ان يكون المؤتمر الصحفي الذي أقامه إتحاد الكرة ان يجمع الأعضاء جميعاً من دون استثناء بما فيهم المستقيل أمين السر أحمد عباس، وان يتحدث المؤتمر عن نقاط أكثر جراءة وصراحة لا أسلوب التخدير.
أخيرا وليس أخر أبارك لراضي شنيشل المهمة الجديدة وان كانت غامضة في الكثير من تفاصيلها، هل سيكون المدرب الأول او مساعداً لمدرب أجنبي او محلي؟
وسؤالي إلى إتحاد الكرة: هل تسمية راضي شنيشل جاءت من قناعة تامة بإمكانيته وكفاءته الفنية وإخلاصه الوطني كونه خير من يمثل رجل المرحلة في الوقت القادم أو أنه مطلب حكومي وضغط جماهيري كما سبق ؟!والله من وراء القصد.